مملكة النمل

نبذه عن النمل

الكثير منا يعتقد أن النمل مخلوقات ضعيفه، ولكن الحقيقه أن هذه المخلوقات المتناهية الصغر لديها  الذكاء ما يجعلها من أعظم الكائنات على وجه الأرض، بل أذكى وأكثر تقدما من البشر. وقد أثبت علماء التاريخ الطبيعى وجود النمل منذ أكثر من 92 مليون عاما، وهو ما يعد أقدم زمنيا من عصر الديناصورات، وأن للنمل معجزات كثيره منها أنه يبنى مستعمراته بدقة شديدة ونظام ويستطيع تسخير الحشرات الأصغر منه حجما فى خدمة المستعمرة. 

تعتبر مملكة النمل من أوسع الممالك الحشرية المنتشرة فى العالم حيث يبلغ عدد النمل أكثر بكثير مما يوجد فى أى من هذه الممالك، ومقابل كل إنسان يوجد حوالى مليون نمله، أى يمثل النمل أكثر من 20% من الكائنات الحية على الكرة الأرضية. 

توجد أنواع كثيرة من النمل، يصل عددها إلى 20 ألف نوع، وتعيش فى جميع بقاع الكرة الأرضية. تتكون المستعمره من ملكه واحده، تستطيع أن تبيض نحو 4 ملايين بيضه فى الشهر وتعيش ما يقرب من 20 عاما. 

للنمله مخ متقدم نسبيا عن غيرها من الحشرات حيث أن ملكه النمل تمتلك مخ مكون من فصين، مما يمنحها القدرة على التفكير والتحليل ويعطيها أيضا قدرا كبيرا من الذكاء. 

النمل من الكائنات شديدة البأس والتى لا تعرف الملل أو التعب حيث يعمل فى صبر ومثابرة من أجل حماية المستعمرة والحفاظ علي بقائها. يبنى النمل بيوتا رائعه تتكون من ممرات وغرف تساعده على تنظيم الطعام ومخزون الشتاء وغرفة الملكه والشغالات وكذلك اسطبلات البقر وغرف الحلب والتخزين، وأيضا يبنى النمل مقابر خارج المستعمره وتكون قريبه جدا منها ليتمكن من دفن موتاه. 

القدرة على التكيف

مملكة النمل تحتل المرتبة الأولى فى التصنيف الحشرى من حيث العدد وتعد أوسع الممالك انتشارا فى جميع أنحاء العالم. ويوجد حوالى 20.000 نوع من النمل تعيش فى اماكن متفرقه فى الكرة الأرضية، فمنها ما يعيش فى الغابات ومنها ما يعيش تحت الأرض وكذلك أنواع تعيش فى الأقطاب الباردة. 

وهناك انواع من النمل تعيش فى الصحراء، وهذه الأنواع على وجه الخصوص تستطيع تحمل درجات عالية من الحرارة تصل إلى 100 درجة مئوية، ويعيش أكبر أنواع النمل فى غابات الامازون وهو معروف بكبر حجمه حيث يصل إلى طول إصبع السبابه وبعضته المؤلمه والتى هى السبب فى تسمية هذا النوع ب " النمله الرصاصه".

يتميز النمل بقدرة كبيرة على التكيف فى البيئة التى يعيش بها ... على سبيل المثال النمل الخياط الذى يعيش فى الغابات يقوم ببناء بيوته من أوراق الأشجار حيث تخيط ببعضها البعض مكونة أشكال مختلفه شبه دائرية يعيش فيها النمل كبيوت، أما النمل الأسود يقوم ببناء أعشاشه فى التربه على أعماق كبيرة وذلك لتجنب درجات الحرارة العاليه والحصول على مسكن ملائم حيث يصل عمق الأعشاش إلى 4 أمتار تحت الأرض. 

والنمل يستطيع التكيف مع البيئه لأقصى درجة حتى أنه يقوم بتشكيل طوف يتشابك فيه عدد كبير من العاملات وذلك عندما يتطلب الأمر عبور نهر أو مجرى مائى لنقل الطعام للمستعمرة أو لنقل الملكة من مكان لآخر. 

التصميم الداخلى للمستعمرة 

إن التخطيط الداخلى لمنازل النمل يجعلها من أعظم الحشرات التى خلقت على وجه الأرض، فيقوم النمل ببناء مستعمرة كبيرة تتسع للأعداد الهائله من الشغالات وللمهام المختلفة التى تقوم بها كل فئه من الشغالات. 

تتكون المستعمرة من أبواب خارجية للتهوية يليها من الداخل أبواب الحرس والتى تتمركز عندها الشغالات التى تحرس المستعمرة من الدخلاء وإغارة النمل من المستعمرات الأخرى. ولكل مستعمرة رائحة خاصه بها تساعد النمل للتعرف على الدخلاء ، ومن ثم الدفاع عن المستعمرة عند الهجوم. 

أول طابق من المستعمرة يحتوى على غرف لراحة الشغالات أثناء فصل الصيف، وهو ما يفسر قرب هذه الغرف من أبواب التهوية، ويليها مخرن الطعام ومكان تناول الطعام ثم أماكن الجنود التى تدافع عن المستعمرة. 

وتوجد أماكن الاسطبلات وأماكن حلب البقر حيث يربى النمل يرقات بق النبات ويرقات الخنافس كأبقار تنتج ما يسمى بعسل النمل، وهو سائل حلو المذاق يحلبه النمل عن طريق لمس بطن الأبقار بقرونه عدة مرات يوميا. أما عن الأبقار فهى تصبح عمياء نتيجة تربيتها فى أماكن مظلمة تحت الأرض وبالتالى تكون وظيفتها طوال فترة حياتها إنتاج عسل النمل فقط حيث تنتج كل بقرة ما يقرب من 48 قطرة من العسل. 

أما عن الغرف الملكيه، والتى تبيض فيها الملكه، فإنها تتوسط المستعمرة حتى تكون بعيدة عن الأبواب الخارجيه مما يوفر لها قدرا كبيرا من الأمان والحماية. ويوجد أيضا بجوار الغرف الملكيه أماكن خاصه بتفقيس البيض وحضانات لرعايه صغار الشغالات حتى تكبر.

الجزء المتبقى من المستعمرة يستخدم فى قضاء فصل الشتاء حيث يكون بعيدا عن أبواب التهويه ويوجد بالقرب منه مقابر النمل. 

النمل حشرات ذكيه جدا وتتعامل مع موتاها بتقدير مثل البشر تماما، فعندما تموت النمله تتغير رائحة الأثر التى يصدرها جسدها وتتحول إلى رائحه أخرى يستدل النمل منها على موت الجسد فيقوم بحمله ودفنه فى المقابر الخاصه بالمستعمرة خلال ساعة من الوفاه. ويعتبر سلوك دفن النمل الميت وسيلة لمحاربة انتشار الأمراض فى المستعمرة والحفاظ على البيئة. 

الزراعة وتخزين الحبوب 

من عجائب مستعمرة النمل أنه يقوم بالزراعة مثل البشر! فقد اكتشف العلماء أن النمل يزرع مساحات خاصه به ويدخر المحاصيل لفصل الشتاء، ووجد مجموعه من العلماء مساحة 150 مترا مربعا زرعت بواسطة النمل، بل أن جماعات من النمل تعمل على حراسة المكان كى لا تتم سرقة المحاصيل، وأخرى تعمل على حماية المحصول من ديدان الأرض بالإضافة إلى الجماعات التى تقوم بحرث الأرض والتى تقوم بالبذر والأخيرة التى تعمل على انتزاع الأعشاب الضارة. 

فى نهاية موسم الزراعة وعندما تستطيل سيقان نبات الأرض، راقب العلماء سلوك الشغالات للوصول إلى السر العجيب فى تخزين المحاصيل فوجدوا أنه بمجرد نضج المحصول يتجه صفا من الشغالات لا ينقطع إلى سيقان النبات ويتسلقها وكل نمله تنتزع حبه من الأرض وتحملها وتعود بها للمستعمرة تحت الأرض. 

أما عن تخزين الحبوب فيدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى حيث تمتلك النمله من الذكاء ما يمكنها من معرفة كيفيه تخرين الأنواع المختلفة من الحبوب التى تنبت داخل العش، فتقوم بشطرها إلى نصفين. ومن العجيب أن النمل اكتشف الحبوب التى تنبت حتى بعد شطرها، مثل الكزبرة، فيقوم بشطرها لأربعة أجزاء، كما أنه لا يعمل خارج المستعمرة إلا فى الليالى التى يظهر فيها القمر. 

عملية القتال أو " الدفاع عن المستعمرة " 

إن الأساس فى حياة هذه الكائنات الصغيرة ليس النظام والمثابرة على العمل. أنما الأساس هو الحفاظ على المستعمرة من الخطر وإبقائها آمنة حتى وإن تكلف ذلك موت العديد من أفرادها حيث تستخدم آلية العمل المنظم فقط للحفاظ على كيان المستعمرة. 

من أليات الدفاع عند النمل "عملية القتال"، فهى تتم صورة منظمة ومعقدة تشبه تماما أساليب القتال التى استخدمها المحاربون الرومان قديما، وتتكاتف فيها جميع أفراد المستعمرة إن تتطلب ذلك. 

لكل فرد من المحاربين دور فى عملية القتال، فالقتال الجماعى يحقق الهدف أسرع. تقوم نمله بعض العدو، وأخرى بقذف سم معين داخل الجرح وأخرى بفرك الجرح بشدة لضمان سرعة انتشار السم وموت العدو. وترسل المستعمرة فرق استطلاع وأيضا مجموعات انتحاريه من النمل يمكنها الضغط على معدتها لكى ينفجر كيس السم ويصيب كل من حولها إذا حوصرت أثناء القتال.